التاريخ مليء بالأمثلة التي تبين أن نهضة الأمم وتقدّم الشعوب لا تأتي إلا بعد حدوث ثورة فكرية قبل كل شيء، وأن الفكر والفلسفة بالتحديد عبارة عن محرّك النهضة والتنوير، فلولا فلسفة كانت، وشكّ ديكارت، ومنهج فرانسيس بيكون العلمي لمّا وصلت أوروبا إلى ما وصلت إليه حاليًا من تقدّم في جميع المجالات، وأن الفلسفة ترسم ملامح المنهج العلمي وتضع الأرضية الفكرية ثم تأتي العلوم الأخرى لكي تكمل مهمّتها في الشق التطبيقي، فتقدّم الشعوب ليس مرتبطًا فقط بعوامل اقتصادية وسياسية، بل ومرتبط أيضًا بمكانة الفلسفة في هذه الشعوب، فإن الدارس لتاريخ الأمم الحالية المتطوّرة يجد أن ما من عالم ساهم في نهضة هذه الأمم إلا وكان فيلسوفًا، لكن معضلة الشعوب العربية الحالية الغارقة في التخلّف من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين، ترى أن الفلسفة عبارة عن علم لا ينفع وجدالات عقيمة لا فائدة منها، ولذلك يتم مقارنة الثرثرة والكلام الفارغ في هذه المجتمعات بالتفلسف، فيكفي فقط إلقاء نظرة على حال «أم العلوم» في المجتمعات العربية لنجد أن مادة الفلسفة أصبحت مادة ثانوية للحفظ فقط وهي آخر مادة يمكن للطالب العربي أن يفكّر فيها عوض
"إن القرآن لا ينكر الفلسفة الحقة، وليد التفكير الناضج، وعاشقة اليقين؛ ولا يكفي كذلك أن تقول: إنه يوافقها ويشجعها، وإنه يرتضي بحثها المنصف؛ بل ينبغي أن نضيف الى ذلك: أنه يمدها بمادة غزيرة في الموضوعات وفي الاستدلالات. " دستور الاخلاق في القران - د. محمد عبدالله دراز. #فلسفة
الكتاب: "الفكر التربوي عند الماوردي" الكاتب: الدكتور فاضل عباس علي النجادي الناشر: تموز- ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى 2021 (287 صفحة من القطع الكبير) يواصل الكاتب والباحث التونسي توفيق المديني في الجزء الثاني والأخير من عرضه لفصول كتاب "الفكر التربوي عند الماوردي"، الصادر عن تموز- ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، مطلع العام الجاري للكاتب والباحث العراقي الدكتور فاضل عباس علي النجادي.. تسليط الضوء على شروط التعلم والعلم عند الماوردي.. العلم المتعلم عند الماوردي وشروط التعلم إن العلم يعدّ الإنسان لحياة الدنيا والآخرة وإعداده هو أن يمارس دوره كاملاً في المجتمع، لذلك يؤكد الماوردي على أدب المعاملة والتعامل وأن يسود الإخاء والمحبة بين المسلمين، وأن يتعلم الإنسان عادات عصره، وأن يتمثل قيم وأخلاق المجتمع الذي يعيش فيه، ليكون مقبلا على شأنه مطيعا لأولي الأمر راضيًا قانعًا، سِلْمًا لأهل عصره، لكي يكون منسجما مع مجتمعه ويتصرف بهدى الشريعة وعرف وتقاليد ذلك المجتمع وهذا ما تعمل من أجل تحققه المؤسسات التربوية في كل البلدان، من