شهادة ميلاد بوذا

شهادة ميلاد بوذا: لست هنا بصدد رصد أعداد مَن يؤمنون بالبوذية، وما هي فلسفتهم، إذ إن للبوذية مئات العقائد، وكلها تُنسب إلى قدّيسهم الأكبر بوذا، لكنني سألخِّص ما كتبه البروفيسور ألسكندر كاننام، الذي اكتشف في عام 1946 وثيقة ميلاد بوذا، عندما أمضى في الهند 10 أعوام خصّصها للبحث عن تلك الوثيقة، التي كشف فيها حقائق كان البوذيون أنفسهم يجهلونها عن رمزهم المقدس.

• هناك من يعتقد أن البوذية ديانة الهند، لأنّ بوذا قد وُلد فيها، والحقيقة هي أن ديانة الهند الآن الهندوستانية، بينما تنتشر البوذية في مناطق مُتعددة من العالم، وتحديداً في الشرق الأقصى، كالصين واليابان وكمبوديا وتايلند والتبت ولاوس... إلخ.

وامتد الإيمان بالبوذية إلى أقليات أخرى في دول العالم... ومما أكده البروفيسور كاننام أن بوذا عاش قبل ميلاد السيد المسيح - عليه السلام - بثلاثة أو أربعة قرون، ولكن متى، وأين على وجه التحديد؟ فهذا ما سيجيب عنه في كتابه "شهادة ميلاد بوذا" التي دوّنها الإمبراطور الهندي أسوكا في عام 244 قبل الميلاد على نصبٍ تذكاري ضخم كُتب عليه: "هنا وُلد بوذا كاكيا - موني... عام 563".

***

يصور البروفيسور كاننام صعوبة وصوله إلى مكان هذا النصب، إذ اقتضى ذلك أن يقطع مسافة 300 كيلومتر في الغابات والأدغال، مُستخدماً العربات ذات العجلتين التي يجرّها أحد الرجال شبه العراة من أهالي المنطقة، ثم العربات البطيئة التي تنقل نتاج الحقول، فضلاً عن ركوب ظهور الثيران، وعبور بعض الأنهار والسواقي بسفنٍ صغيرة، كما كان لا بدّ من ركوب الفيلة... وسط كل هذه المخاطر، وبعد صعوبات بالغة، وصل الباحث إلى قرية "بيني" مسقط رأس بوذا.

***

ودوَّن الباحث في أوراقه كمية هائلة من الأساطير والخرافات التي كان يسمعها، وتقال على لسان بوذا، بأشكال مُتعددة كالأناشيد، والأغاني، والأدعية، والتي كُتب بعضها في كُتبٍ تضمنت أقوالاً تُنسب إلى بوذا، منها على سبيل المثال: لا ليتا/ فاشارا... بوذا/ شاريتا... ماها/ فاشيا... ماها/ فاستو... إلخ.

• في قرية "نوتانو" على بعد 400 كيلومتر من كالاكتا، توجد غابات "أورڤيلا"، حيث عاش الفتى بوذا حياة العبث والمجون والتهتك، وهذا هو الطور الأول من حياته، وكانت له ألف محظية من أجمل جميلات الهند.

• أما الطور الثاني من حياته فهو حينما كان يجلس مع مَن يؤمنون بتعاليمه... وكان ذلك بعد أن هجر المجون، وانخرط فيما أسماه "حياة التطهّر".

***

• ويشير الكتاب إلى أن نهاية بوذا كانت تتمثّل باختفائه في قرية "لاكوز بنار" في سفح جبال هملايا في نيبال، ويزعم معظم الذين يتبعون بوذا أنهم لا يعبدون إلهاً مُحدداً، لكنهم يطبّقون تعاليم فلسفة الحياة التي تتضمنها تعاليم بوذا... والكثير من منظّريهم يؤمنون بأنه "إذا كان بوذا قد انحصر في دائرة قطرها 300 كيلومتر مربع، فهي في الحقيقة تُمثّل العالم كله بسمائه وأرضه ومائه"!
 

الهدهد -الجريدة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مأساة الفلسفة في العالم العربي

إن القرآن لا ينكر الفلسفة الحقة

هل يمكن الاستفادة من تراث الماوردي في التربية الحديثة؟